الصراع الروماني الفينيقي (الحروب البونيقية)
بدأ الصراع الروماني - القرطاجي كصراع تجاري ثم أخذ أبعاداً عسكرية وكان أول احتكاك بين الطرفين عندما احتل الرومان جزيرة صقلية عام 264 ق.م واعتبر القرطاجيون هذا الغزو مساساً مباشراً بمصالحهم الاقتصادية والسياسية، وهذه الواقعة كانت البداية الأولى للحرب بين الرومان والقرطاجيين التي استمرت إلى عام 241 ق.م.
وفي الحروب البونية خاض الطرفان سلسلة من المعارك البرية والبحرية حسم بعضها وبقي الآخر دون نتائج حاسمة ولكن كان غالبية حسم المعارك للرومان وخصوصاً المعارك البرية أما المعارك البحرية فكانت غالباً نتائجها للقرطاجيين حيث كانت معظم قواتهم بحرية بخلاف الرومان الذين كانت قواتهم برية.
وقد حقق الرومان أول نصر عندما أخرجوا القرطاجيين من صقلية عام 241 ق.م، ثم تلا ذلك أن تمكن القائد الروماني مختاريوس ماركوس ديغولوس من هزيمة الأسطول القرطاجي عام 256 ق.م وكانت هذه المعركة أول معركة بحرية يخوضها الجيش الروماني، ولكن القرطاجيين لم يستكينوا للرومان وقرر قائدهم في هذه الحقبة من الزمن هانيبال الاستمرار في مدّ رقعة السيطرة القرطاجية على الساحل الإسباني وقد وصلوا إلى مرسليا عاقدين العزم على غزو الأراضي الإيطالية من الجهة الشمالية الغربية. وبدأ القرطاجيون حملتهم الجديدة على الرومان، ومن هنا بدأ ميزان القوى يميل ضد روما فبعد أكثر من عشر سنوات من الحروب المستمرة مع أعداء مختلفين على جميع الإتجاهات لشبه الجزيرة الإيطالية قويت حملة هانيبال المدروسة والمعد لها جيداً وأصبحت مثل رأس الحربة في وجه الطموحات الرومانية، خصوصاً أن هذه الحملة قد ظهرت مع ظهور عدد من الأطراف المعادية للرومان وأصبحت الدولة الرومانية في خوف من التحالفات التي قد تهدد وجود دولتهم. [انتصارات هانيبال] تمكن هانيبال من تحقيق سلسلة من الانتصارات للقرطاجيين على الرومان تتمثل في: وقد سبق تلك الفترة تحالف بين الملك المقدوني فيليب الخامس و هانيبال ضد الرومان، وزاد الطينة بلة انفصال سيراكوز في صقلية عن السلطة المركزية في روما ومن هنا أصبحت روما على حافة الهزيمة
[هزيمة هانيبال] تعددت أسباب الهزائم القرطاجية ومنها:
قدرة القادة الرومان على مواجهة المصاعب بهدوء ورباطة جأش.
الاستفادة من الدروس العسكرية القتالية المتتابعة بأسرع وقت.
بقاء معظم حلفاء روما اللاتينيين إلى جانبها في أوقات الأزمات.
عدم وصول المساعدات والإمدادات إلى قوات هانيبال من قرطاجة .
كانت الحكومة القرطاجية تعاني من الإنقسامات والفساد مما أدى إلى عدم مساندة الحملة الهانيبالية.
كان القسم الأكبر من جيش (هانيبال) من الخيالة، وكان هذا السلاح فعالاً في العمليات القتالية المتحركة والسريعة، ولكنه غير ملائم لعمليات الحصار واحتلال الأراضي.
وهذه المواقف والمؤثرات استغلها الرومان فأعادوا تنظيم جيوشهم ونشرها على مختلف الجبهات وقاموا بسلسلة من الحملات التي أدت إلى استعادة كل من مدينتي سيراكوز و كابي، وقرر الرومان فتح جبهة في أسبانيا لمحاصرة قوات هانيبال ومنع التعزيزات من الوصول إليها.
وقد ألحقت القوات الرومانية هزيمة بالقوات القرطاجية في معركة إيليبا Ilipa في إسبانيا وفي هذه الأثناء تراجع الملك المقدوني فيليب الخامس عن التحالف مع هانيبال فسعى الرومان إلى مصالحته.
وقد قاد القائد الروماني مختاريوس سيبيو جيشاً قوامه 25 ألف رجل من المشاة المدعمين بالخيالة وقطع به البحر الأبيض المتوسط متجهاً إلى قرطاجة، وأصر القرطاجيون على استدعاء هانيبال من إسبانيا لقيادة الجيوش القرطاجية، والتقى الجيشان في معركة زاما التي هزم فيها القرطاجيون. بعد هذه الهزيمة عقدت معاهدة اتفق فيها الطرفان على أن :
يدفع القرطاجيون الجزية خمسين عاماً.
تخفيض سفن القرطاجيين إلى عشر سفن.
عدم شن أي حرب خارج أفريقيا إلا بموافقة روما.
كان من نتائج الانتصار الروماني السيطرة الرومانية على الساحل الإسباني الشرقي والجنوبي وتم تقسيم إسبانيا إلى مقاطعتين تحت اسم إسبانيا القريبة وإسبانيا البعيدة.