الجغرافيا الفلكية Astrogeogrphy
يعد علم الفلك من العلوم المعقدة، التي تحتاج إلى اكتشافات مختلف العلوم الأخرى. فهو ذو علافة وثيقة مع حياة الإنسان اليومية، لذلك يمكن اعتبار مسألة التوقيت وتغيراته اليومية، وبداية الفصول السنوية واستمرارها من أولى المسائل التي اهتمت بها الدراسات الفلكية. كذلك، فإن دراسة النجوم، وخواصها، والظواهر الفلكية، التي يشعر بها الإنسان، إضافة إلى كشف العلاقة المتبادلة بين الشمس، والنجوم، والكواكب، وغيرها من الأجرام السماوية، وحركة كل منها بالنسبة للآخر، كانت من المهام الأساسية، التي شغلت المهتمين في هذا المجال منذ عصور سحيقة.
ويمكن تحديد مفهوم الجغرافيا الفلكية بأنها العلم الذي يبحث في مواقع وإحداثيات الأجرام السماوية. وتهتم بدراسة البيئة الطبيعية لكوكب الأرض، إذ يعتبر شكل الأرض وخصائصه الهندسية أول الحقائق الجغرافية. وتأثير العلاقة بين الأرض وكل من الشمس والقمر على خصائص البيئة الطبيعية ونشاط الإنسان فيها. ويمكن إدراك هذا التأثير من معرفة أن الطاقة اللازمة للحياة وللقوى المحركة للمياه الجارية، والرياح، والتيارات البحرية والمحيطة، مصدرها الطاقة المنبعثة من الشمس. لذا فإن فهم طبيعة حركة الأرض حول محورها وحركتها في مدارها حول الشمس وحركة القمر حولها تعتبر من الأسس الأولية التي تهتم بها الجغرافيا الطبيعية. وهو ما تحاول أن توضحه الدراسة التالية:
1. الكون والأجرام السماوية بالنظر إلى السماء في ليلة صافية لا قمر فيها، فيُشاهد بضعة آلاف من الأجسام السماوية اللامعة التي تسمى النجوم، وبعضها لا يتجاوز أصابع اليد تتجول بين النجوم وتغير مواقعها بالنسبة لتشكيلات النجوم الثابتة وتعرف بالكواكب السيارة. فالنجوم، والكواكب، والقمر، والشمس، وغيرها أجرام سماوية.
أ. اتساع الكون بالنظر إلى السماء بواسطة تليسكوب تُشاهد أعداد هائلة من النجوم تقدر بالملايين. فالأجرام السماوية تشغل الفضاء من حولنا. والفضاء وما به من نجوم وأجرام سماوية مختلفة هو الكون.
كان الفلكيون الأوائل يعتقدون أن الكون محدود وصغير جدا، فحدود الكون هي الكرة الشفافة التي تحمل النجوم وتدور حول الأرض بوصفها مركزاً لها. ولقد ادعى الفلكي الفرغاني Alpharghani في القرن التاسع عشر أن نصف قطر الأرض يبلغ 3250 ميلاً، وهو تقدير جيد لنصف قطر الأرض، ولكنه حدد نصف قطر الكون، أي نصف قطر الكرة الشفافة التي تحمل النجوم (بُعد النجوم عن الأرض) بنحو 75 مليون ميل فقط، وهذا التقدير أقل من الواقع بكثير.
وفي القرن السابع عشر، اعتبر كوبرنيكوسCopernicus الشمس مركز الكون وأن الأرض إحدى الكواكب التي تدور حول الشمس. كما اعتقد كوبرنيكوس أن الكون أكبر بكثير مما اعتقده القدماء، ولكنه لم يعط أبعاداً محددة. ولقد أثرت أفكار كوبرنيكوس بشكل جذري على علم الكونCosmology، حيث قضى تماماً على اعتقادين كانا سائدين من عهد الإغريق إلى ذلك الوقت؛ وكان الاعتقاد الأول يعتمد على فيزياء أرسطوطاليس اليوناني، الذي يعتبر أن الأجسام الأرضية والحركة على الأرض تختلف اختلافاً جذرياً عن الأجسام السماوية، ولا يمكن تطبيق قوانين الأرض على السماء. والاعتقاد الثاني ينص على أن الكون محدود بالكرات الشفافة، التي تدور حول الأرض وتحمل النجوم. ثم جاءت قوانين نيوتن في الجاذبية والحركة، التي وحدت بين الأرض والأجرام السماوية، لتفتح بذلك آفاقاً جديدة في تغيير الفكرة عن الكون، وزادت تلك الفكرة بعد أن وضع أينشتاين نظرية النسبية أصبحت النظرة إلى الكون أوضح وأعمق، وأمكن تفسير العديد من الظواهر الفلكية.
وقد استطاع اينشتاين بواسطة نظريته النسبية، أن يضع نموذجاً يثبت فيه أن الكون يتخذ الشكل الكروي، وأن نصف قطره يزيد عن عشرة آلاف مليون سنة ضوئية</A>، وليس محاطا أو مسيجاً بحدود، وليست له نهاية، فكل نقطة في الكون يمكن اعتبارها في مركزه ووسطه. أمّا عمر الكون فهو يراوح بين عشرة آلاف مليون سنة ضوئية إلى عشرين ألف مليون سنة ضوئية، استطاع الإنسان أن يكشف عن بعض المجرات، التي تبعد عن الأرض بمقدار عشرة آلاف مليون سنة ضوئية. ومع ذلك مازال الإنسان غير قادر على معرفة حقيقة الكون حتى الوقت الحاضر.
ب. مكونات الكون أصبح في الوقت الحاضر لدى العلماء معرفة أفضل عن الكون، فبفضل التقدم العلمي والتكنولوجي، وبخاصة بعد تطور التلسكوبات البصرية والراديوية، أمكن التعرف بدقة على توزيع النجوم والأجرام السماوية في الكون. فالنجوم موجودة في الكون على شكل تجمعات هائلة، كل تجمع يصل إلى ملايين النجوم، وهذا التجمع الهائل من النجوم يسمى مجرة Galaxy.
ولقد أمكن بواسطة التلسكوبات البصرية الكشف عن حوالي 600 مليون مجرة، كما تم اكتشاف البلايين من النجوم بواسطتها. فالشمس أحد النجوم في مجرتنا التي يبلغ عدد نجومها حوالي 100 بليون نجم. والمسافة التي تفصل هذه المجرات عن بعضها شاسعة جداً، فقد تم الكشف عن بعض هذه المجرات البعيدة التي تبعد عن الأرض نحو 4500 مليون سنة ضوئية. فالمجرات وما تحوى من نجوم وغبار وغازات (السديم)، وما يدور حول النجوم من كواكب وتوابع وأجرام سماوية أخرى، هي مكونات الكون.
ج. المجراتGalaxy المجرة هي تجمع هائل من النجوم قد يصل عددها إلى عشرات البلايين من النجوم، ويكون الشكل الخارجي للمجرة عدسياً (أي تشبه العدسة اللامة) في الغالب. وقد يصل قطر المجرة إلى حوالي 160 ألف سنة ضوئية، بينما يبلغ سمكها عُشر ذلك المقدار (أي حوالي 16 ألف سنة ضوئية). والمجرة تحوى الملايين من النجوم، يتجمع معظمها في مركز المجرة الذي يُعرف بنواة المجرة. ويوجد في هذه النواة كميات هائلة من الغازات والغبار الكوني الذي يظهر كالغيوم ويسمى بالسديم الكوني Nebula والمسافة التي تفصل بين المجرات كبيرة جداً، والفضاء الذي يعزل المجرات عن بعضها يكاد يكون خالياً من النجوم.
ويتوزع هذا العدد من المجرات في الكون بالبلايين، ويبتعد عن الأرض بمسافات شاسعة، وقد أمكن اكتشاف مئات الملايين من المجرات بواسطة التلسكوبات الراديوية. ويمكن رؤية بعض المجرات المجاورة لمجرتنا بالعين المجردة، مثل مجرة الأندروميدا Andromeda، التي تعتبر من المجرات الحلزونية العملاقة. وتبعد هـذه المجرة عن الأرض بمسافة تقـدر بنحو 2.2 مليون سنة ضوئية، ويبلغ قطرها حوالي 160 ألف سنة ضوئية، وتقدر كتلتها بنحو 350 مرة ضعف كتلة الشمس.
د. أنواع المجرات يعتمد تصنيف المجرات الرئيسية على الشكل الخارجي للمجرة، وبذلك يمكن تقسيم أنواع المجرات الرئيسية إلى ثلاثة أقسام هي:
| 1- المجرات الحلزونية Spiral
|
|
|
وتظهر على شكل حلزوني بذراعين أو أكثر، كما يظهر في (الصورة الرقم 1)، ومن أفضل الأمثلة على مجرات هذا القسم مجرة درب التبانة، التي ننتمي إليها وجارتها مجرة الأندروميدا. |
| 2- المجرات الإهليليجية Elliptical
|
|
|
وهي مجرات ذات شكل إهليليجى (بيضاوي)، ويتميز هذا النوع من المجرات عن المجرات الحلزونية بكون نجومها خافتة نسبيا وبعدم احتوائها على الغاز والغبار الكوني، كما توضح (الصورة الرقم 2). |
| 3- المجرات غير المنتظمة Irregular
|
|
|
وهي مجرات صغيرة نسبيا، وليس لها شكل منتظم، وتتسم مجرات هذا القسم بقلة عددها إذا قورنت بالنوعين السابقين، إذ لا تزيد عن 3% من جملة المجرات. |
هـ. عناقيد المجرات Cluster of Galaxies تتوزع المجرات في الكون على شكل مجموعات متقاربة من بعضها، إذا ما قورنت بالمسافات الشاسعة التي تفصل كل مجموعة من المجرات عن الأخرى، وتُعرف هذه المجموعات بعناقيد المجرات. فعلى سبيل المثال، تُشكل المجرة، التي ننتمي إليها ـ مجرة درب التبانة ـ مع عدد من المجرات المجاورة، عنقوداً من المجرات عدده تسع عشرة مجرة؛ منها ست مجرات حلزونية عملاقة، وست مجرات إهليليجية عملاقة، وسبع مجرات إهليليجية قزمية.
ومن عناقيد المجرات العملاقة القريبة من الأرض، عنقود المجرات الهائل الذي يظهر في برج العذراء، وهو مكون من 300 مجرة، ويبعد هذا العنقود ما يقرب من 40 مليون سنة ضوئية، ويبلغ قطره نحو ستة ملايين سنة ضوئية. وتقدر كتلته بحوالي 10 آلاف ضعف كتلة مجرتنا. والفضاء ما بين أي عنقود من المجرات وعنقود آخر خال نسبيا من الأجرام السماوية أو المجرات إلى حد بعيد، ما عدا القليل من المجرات التي انفلتت من عنقود أو القليل من النجوم التي انفلتت من مجرة.
ز. المجموعة الشمسية تُعرف الشمس وما يدور حولها من كواكب، وتوابع، وأجرام سماوية أخرى، بالنظام الشمسي أو المجموعة الشمسية Solar System. وتدور جميع هذه الأجرام حول الشمس في مدارات مغلقة، وتختلف عن بعضها البعض في الحجم والكتلة والخواص الفيزيائية، ومع أن عدد هذه المجموعة يزيد عن بضعة آلاف جرم سماوي، إلاّ أن كتلة الشمس وحدها تعادل 99.86 % من مجموع كتلة هذه المجموعة.
1- مكونات المجموعة الشمسية تتكون المجموعة الشمسية ـ كما يوضح (الشكل الرقم 1)، من الأجرام السماوية والظواهر الكونية التالية: |
أ- |
الشمس Sun، وهي مصدر الطاقة الحرارية والضوئية للمجموعة الشمسية، ومركز الجاذبية، الذي يدور حوله جميع أعضاء المجموعة الشمسية. |
|
ب- |
الكواكب السيارة Planets، وعددها تسعة كواكب، وهي على حسب تسلسل مسافاتها بالقرب من الشمس: عطاردMercury، ثم الزهرة Venus، ثم الأرض Earth، ثم المريخMars، ثم المشترى Jupiter، ثم زحل Saturn، ثم أورانوس Uranus، ثم نبتون Neptune، ثم بلوتو Pluto. |
|
ج- |
التوابع (الأقمار) Satellites، وهي الأجرام التي تدور حول الكواكب بحيث يكون الكوكب مركزا للجاذبية. |
|
د- |
الكويكبات Asteroids، وهي مجموعة كبيرة من الأجرام الصغيرة المتجاورة تدور حول الشمس في مدار يقع بين المريخ والمشترى. |
|
هـ- |
الشهب والنيازك Meteors and Metorites، وهي كتل سماوية غير ملتهبة متفاوتة الحجم، تتحرك في نطاق جاذبية الشمس وتتساقط نحو الأرض. |
|
و- |
المذنبات Comets، أجرام سماوية باردة تدور حول الشمس بمدارات إهليليجية (بيضاوية) ضيقة. |
|
ز- |
كميات هائلة من الغازات والغبار الكوني. |