sokaty Admin
عدد الرسائل : 5121 تاريخ التسجيل : 06/04/2007
| موضوع: سراقة بن مالك صاحب سواري كسرى الثلاثاء أبريل 27, 2010 2:19 am | |
| هو سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي الكناني ، يكنى أبا سفيان
وكان فارسا من فرسان قومه ، طويل القامة ، عظيم الهامة ، ذبصيرا باقتفاء الأثر ، صبورا على أهوال الطرق ، وكان إلى ذلك
ذأريبا ، لبيبا ، شاعرا ، وكان يقيم في قديد ( موضع قرب مكة )
§§][][ الجائزة ][][§§
حينما مكرت قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم وأجمعت على قتله ، خرج مع صاحبه ابوبكر الصديق رضي الله عنه مهاجرا إلى المدينه ،
فبثت قريش عيونها في سبل مكة وشعابها بحثا عنهما، فنفضوا الصحراء نفضا فما وقعوا له على اثر
وحينما يئست قريش أن تقبض على النبي صلى الله عليه وسلم وضعت جائزة مائة رأس من الإبل لمن يأتيها بمحمد صلى الله عليه وسلم حيا أو ميتا ، وسراقة بن مالك رضي الله عنه كان في بعض أندية
قومه قريبا من مكة ، فإذا برجل يدخل عليهم ، ويذيع فيهم نبأ الجائزة ،
فما كاد سراقة رضي الله عنه يسمع بالنوق المائة حتى سال لعابه ،
واشتد عليها حرصه ، ولكنه كان ذكيا جدا ، فضبط نفسه ، ولم يفه بكلمة واحدة حتى لا يلفت نظر الآخرين ، وقبل أن ينهض
سراقة رضي الله عنه من مجلسه ، دخل على مكان وجوده رجل يقول : واللهِ لقد مر بي الآن ثلاثة رجال ، وإني لأظنهم محمدا وأبا بكر
ودليلهما فقال سراقة رضي الله عنه ( إنهم بنو فلان مضوا يبحثون عن ناقة لهم أضلوها ) يريد أن يصرف الناس عن هذه الجائزة ، فقال الرجل لعلهم كذلك ، وسكت .. مكث سراقة رضي الله عنه قليلا حتى لا يثير اهتمام أحد ، فلما دخل القوم في حديث آخر انسل من بينهم ، ومضى خفيفا مسرعا إلى بيته ، وأسر لجاريته بأن تخرج له فرسه في غفلة
من أعين الناس ، وأن تربطه له في بطن الوادي ، وأمر غلامه بأن يعد له سلاحه ، وأن يخرج به خلف البيوت حتى لا يراه أحد ، وأن يجعل السلاح في مكان قريب من الفرس ، ولبس سراقة رضي الله عنه درعه ، وتقلد سلاحه ، وركب صهوة فرسه ، وطفق يغذ السير ليدرك محمدا صلى الله عليه وسلم قبل أن يدركه أحد سواه ، ويظفر بجائزة قريش
§§][][ عثرات الفرس ][][§§ ومضى سراقة رضي الله عنه يطوي الأرض طيا ، لكنه ما لبث أن عثرت به فرسه وسقط عن صهوتها ، فتشاءم ، وقال
( ما هذا ؟ تبا لكِ من فرس )
وعلا ظهرها ، غير أنه لم يمضِ بعيدا حتى عثرت به مرة أخرى ، فازداد تشاؤما ، وهم بالرجوع ، فما رده عن همه إلا طمعه
بالنوق المائة ، فلم يبتعد سراقة رضي الله عنه كثيرا عن مكان عثور فرسه حتى أبصر محمدا صلى الله عليه وسلم وصاحبه رضي الله عنه ، فمد يده إلى قوسه ، ولكن يده جمدت في مكانها
ثم رأى قوائم فرسه ساخت في الأرض ، فدفع الفرس فإذا هي قد ساخت ثانية في الأرض ، كأنما سمرت بمسامير من حديد ، فالتفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه وقال بصوت ضارع ، وقد أدرك لا بعقله ولكن بفطرته أن خالق الكون مع محمد صلى الله عليه وسلم ، فالتفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه رضي الله عنه وقال بصوت ضارع : ( يا هذان ادعوا لي ربكما أن يطلق قوائم فرسي ولكما علي أن أكف
عنكما )
فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم فأطلق الله له قوائم فرسه فأطلقت
§§][][ سواري كسرى ][][§§
تذكر سراقة رضي الله عنه المائة ناقة ، فما لبثت أطماعُه أن تحركت من جديد ، فدفع فرسه نحوهما فساخت قوائمها هذه المرة أكثر من ذي قبل ، وهذه للنبي معجزة ، ولغيره من المؤمنين كرامة
فاستغاث بهما للمرة الثانية وقال :
( إليكما زادي ، ومتاعي ، وسلاحي ، ولكما علي عهد الله أن أرد عنكما من ورائي من الناس )
فقالا له : ( لا حاجة لنا بزادك ، ومتاعك ، ولكن رد عنا الناس )
ثم دعا له النبي صلى الله عليه وسلم فانطلقت فرسه ، فلما هم بالعودة ناداهم قائلا ( تريثوا أكلمكم ، فوالله لا يأتيكم مني شيء تكرهونه ) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ما تبتغي منا ؟
فقال رضي الله عنه :
( والله يا محمد إني لأعلم أنه سيظهر دينك ، ويعلو أمرك فعاهدني إذا أتيتك في ملكك أن تكرمني ، واكتب لي بذلك ، أريد وثيقة )
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الصديق رضي الله عنه فكتب له على لوح عظم ، ودفعه إليه ، ولما هم بالانصراف قال له النبي صلى الله عليه وسلم ، ويبدو أن هذا وحي من الله ، قال له :
( كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى ؟ )
فقال سراقة رضي الله عنه في دهشة : ( كسرى ابن هرمز ؟ )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم كسرى بن هرمز
§§][][ وفاءه بالعهد ][][§§
هذه المرة أصبح سراقة رضي الله عنه وفيا ، وعاد أدراجه ، فوجد الناس قد أقبلوا ينشدون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم ارجعوا فقد نفضت الأرض نفضا بحثا عنهم ، فلا تغلبوا أنفسكم ،
لم أعثر على أحد ، وأنتم لا تجهلون مبلغ بصري بالأثر ، فرجعوا ، ثم كتم خبره مع محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه حتى أيقن أنهما بلغا المدينة ، وأصبحا في مأمن من عدوان قريش ، عند ذلك أذاع الخبر ، فلما سمع أبو جهل بخبر سراقة رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وموقفه منه لامه على تخاذله ، وعنفه ، وعنف جبنه ، وتفويته الفرصة ، فقال يجيبه على ملامته
أبا حكم والله لو كنت شاهدا --- لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدا --- رسـول برهان فمن ذا يقاومه عليك بكف القوم عنـه فإنني --- أرى أمـره يوما ستبدو معـالمه
§§][][ إسلامة ][][§§ دارت الأيام ، وبعد أن خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة طريدا ، شريدا ، مستترا بجنح الظلام ، عاد إليها سيدا ، فاتحا ، تحف به الألوف المؤلفة من بيض السيوف ، وإذا بزعماء قريش الذين ملؤوا الأرض عنجهية ، وغطرسة ، وكبرا ، واستعلاء ،
يقبلون على النبي صلى الله عليه وسلم خائفين واجفين ، يسألونه الرأفة عند ذلك أعد سراقة بن مالك رضي الله عنه راحلته ، ومضى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليعلن إسلامه بين يديه ، ومعه العهد الذي كتبه له قبل عشر سنوات ، قال سراقة رضي الله عنه : ( لقد أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة ، فدخلت في كتيبة الأنصار ، فجعلوا يقرعونني بكعوب الرماح ويقولون : إليك إليك ، ماذا تريد ؟ فما زلت أشق صفوفهم حتى غدوت قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو على ناقته فرفعت يدي بالكتاب ، وقلت
يا رسول الله أنا سراقة بن مالك ، وهذا كتابك لي ، فقال عليه الصلاة والسلام : يوم وفاء وبر، ادن ، ألا لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له " فأقبلت عليه ، وأعلنت إسلامي بين يديه ، ونلت من خيره ، وبره )
ولم يمضِ على لقاء سراقة بن مالك رضي الله عنه برسول الله صلى
الله عليه وسلم غير زمن يسير حتى اختار الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى جواره ، فحزن سراقةرضي الله عنه أشد الحزن ، وجعل يتراءى له
ذلك اليوم الذي هم بقتله ، من أجل مائة ناقة ، وكيف أن نوق الدنيا كلها
قد أصبحت اليوم لا تساوي عنده قلامة من ظفر النبي صلى الله
عليه وسلم
§§][][ تحقق نبوءة النبي ][][§§
جعل سراقة رضي الله عنه يردد مقولة النبي صلى الله عليه وسلم له " كيف بك يا إذا لبست سواري كسرى دون أن يخامره شك في أنه سيلبسهما ، ثم دارت الأيام دورتها كرة أخرى ، وآل أمر المسلمين إلى الفاروق رضي الله عنه ، وهبت جيوش المسلمين في عهده المبارك على مملكة فارس ، فطفقت تدك الحصون ،
وتهدم الجيوش ، وتهز العروش ، وتحرز الغنائم ، وفي ذات يوم من أواخر أيام خلافة عمر رضي الله عنه قدم على المدينة رسل سعد بن
أبي وقاص رضي الله عنه يبشرون خليفة المسلمين بالفتح ، ويحملون
إلى بيت مال المسلمين خمس الفيء الذي غنمه الفاتحون ، فلما وضعت الغنائم بين يدي عمر رضي الله عنه نظر إليها في دهشة ، فقد كان فيها
تاج كسرى المرصع بالدر ، وثيابه المنسوجة بخيوط الذهب ، ووشاحه المنظوم بالجوهر ، وسواراه اللذان لم تر العين مثلهما قط ، ومالا حصر
له من النفائس الأخرى ، فجاء عمر رضي الله عنه يقلب هذا الكنز الثمين بقضيب كان بيده ، ثم التفت إلى من كان حوله ، وقد
اغرورقت عيناه بالدموع ، وإلى جانبه علي بن أبى طالب رضي الله عنه فقال له : ( ما الذي يبكيك ؟ )
فقال رضي الله عنه : ( إن قوما أدوا هذا لأمناء حقا ، تاج كسرى ثمنه مئات الملايين ، لو أن هذا الذي أخذه ذهب به إلى أنطاكية لعاش أغنى الأغنياء )
فأجابه علي رضي الله عنه بكلمة لا تنسى مدى الحياة قال له ( يا أمير المؤمنين ، لقد عففت فعفوا ، ولو وقعت لوقعوا )
§§][][ تقلده سواري كسرى ][][§§
دعا الفاروق رضي الله عنه سراقة بن مالك رضي الله عنه فألبسه قميص كسرى ، وسراويله ، وقباءه ، وخفيه ، وقلده سيفه ، ومنطقته ، ووضع على رأسه تاجه ، وألبسه سواريه ، عند ذلك هتف المسلمون الله أكبر الله أكبر ، لقد تحققت نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم ثم التفت عمر إلى سراقة رضي الله عنهما وقال له ( بخ بخ يا سراقة أعرابي من مدلج على رأسه تاج كسرى ، وفي يديه
سواراه ثم رفع عمر رضي الله عنه رأسه إلى السماء ، وقال ( اللهم إنك منعت هذا المال لرسولك ، وكان أحب إليك مني ، وأكرم
عليك ، ومنعته أبا بكر ، وكان أحب إليك مني وأكرم عليك ، وأعطيتنيه ، وأعوذ بك أن تكون قد أعطيتنيه لتمكر بي )
ثم لم يقم من مجلسه حتى قسمه بين فقراء المسلمين
روى سراقة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
عدة أحاديث ومات سنة أربع وعشرين للهجرة
| |
|