sokaty Admin
عدد الرسائل : 5121 تاريخ التسجيل : 06/04/2007
| موضوع: كبائر علم الكلام الجمعة مايو 14, 2010 5:59 pm | |
| [size=21]السلف والعقل السلف هم الصحابة والتابعون ومن سار على نهجهم الأصيل. لكن هذه الأصالة ما لبثت ان تعرضت للتشويه والتحريف بعد دخول أفكار اليونان إلى حقل المعرفة الإسلامي. أدى ذلك إلى تطور علم الكلام الذي يبحث في عقائد الإسلام من زاوية خاصة، وتغيرت وجهته ليعتمد منطق اليونان وعلومهم الطبيعية. ثم ثارت تساؤلات حول ما إذا كان السلف يدركون هذه الأفكار الجديدة المرتكزة على أثارة من العقل، وعلى أساس من تقديس علوم اليونان ومنطقهم.
لا شك ان هذا تساؤل يعكس اهتزاز الثقة بالنفس وشعورها بالعجز أمام الفكر الدخيل. وما كان تساؤل كهذا ليُثار لو ترسخت فكرة استقلال العقائد الاسلامية عن مثل هذه العلوم، وعدم حاجتها إليها. وهذه فكرة عظيمة مثيرة للانتباه، لأن العقائد، وهي تتسم باليقين والثبات، لا حاجة لها في ان ترتبط بعلوم تجريبية وعقلية سمتها الأساسية التحول والتغير والنسبية. ولو جرى إدراك ذلك لتبين للمفكرين في علم الكلام وجود المطلق والنسبي، وان البحث العقلي الخالص والتجريبي لا ثبات لهما على أرضية موضوعية. وربما كان وجه التاريخ ليتغير، ذلك ان العلم كان سيكون بأيدٍ امينة ترعاه وتستغله في صالح البشرية جمعاء.
كبائر علم الكلام علم الكلام، الذي نصب نفسه مقرراً لعقائد الدين ومدافعاً عنها، اعتمد نظريات اليونان من الجوهر الفرد وحدوث الأجسام ومنطق ارسطو من بعد، ليقيم البراهين على إثبات الخالق، ومن ثم ليدلل على عقائد الإسلام الأخرى وما يتعلق بالذات الإلهية بشكل خاص. وفي خضم هذا البحث الشائك اضطر إلى ان يتسلح بسلاح متطور مبتكر هو التأويل والمجاز، لينسف أي نص يتعارض مع أفكاره، مفرغاً اياه من مضمونه ومحتواه الحقيقي، ليصير إلى معنى يوافق ما تقرر في علم الكلام هذا. وبذلك فقد يكون علم الكلام سبق الفلاسفة المعاصرين في الحرب على النص، وان الحقيقة لا تكون كامنة في الألفاظ على حد زعمهم. لكن الزعم بأن النصوص الدينية مفرغة من الحقيقة دونه خرط القتاد، وهو ابعد ما يكون عن عيونهم!.
علم الكلام اذن ارتكب كبيرتين فكريتين: أولاهما ربطه العقائد بالعلوم المتحولة المتغيرة، وثانيهما تفريغ النصوص من محتواها بالمجاز والتأويل لصالح هذه العلوم المتقلبة. والأخذ بالتأويل والمجاز يعني تقرير معنى غير ما يفيده ظاهر النص، وهذا المعنى يتوافق مع معطيات علمية أو عقلية معينة، والنتيجة هي صرف النص عما أريد له. وفي غياب الثقة بالنصوص الدينية فلا مفر من التأويل أو التفويض، والتفويض يكافئ القول بأن الله أعلم بمراده. وهذا لازم حتى لمن يتقيد بالقطعي الثبوت والدلالة في العقيدة، كما عند الكلاميين، وكما عند بعض المعاصرين كالعلامة النبهاني إمام التحريريين، وإن كان هذا الأخير غير ملزم بالنظريات العلمية والمنطقية، لأن العقل العقائدي عنده بمثابة تأشيرة الدخول في الإيمان وحسب.
[/size] | |
|