موضوع: من هو إمام العلماء يوم القيامة؟ الأحد يونيو 13, 2010 3:01 pm
معاذ بن جبل
هو الصحابي الجليـل والعالم القاضي معاذُ بن جبل بن عمرو بن أوس الخزرجيّ الأنصاريّ. يُكْنَى أبا عبد الرحمن. كان رجلاً أبيض طُوالاً، حسنَ الشَّعر واسع العينين مجموع الحاجبين.بعد الهجـرة آخى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بينه وبين عبد الله بن مسعود، وكان ابن مسعود يقول: "إن معاذًا كان أمةً قانتًا لله حنيفًا ولم يَكُ من المشركين". فقال له تلميذه مسروق: إنما قال الله: "إن إبراهيم كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يَكُ من المشركين". فأعاد قولَه: إن معاذًا كان أمةً قانتًا لله.. وقال: ما الأُمَّة، وما القانت؟ قال مسروق: الله ورسوله أعلم. قال: الأمة الذي يُعلِّم الخير ويُؤتَمّ به، والقانت المطيع لله ـ عز وجل ـ وكذلك كان معاذ معلِّمًا للخير، مطيعًا لله ـ عز وجل ـ ولرسوله. ومعاذَ بن جبل هو أعلم الأمة بالحلال والحرام ـ كما وصفه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو إمامُ العلماء يوم القيامة.
أحوال عصره: عاصـر معاذٌ السنوات الأخيرة للجاهلية، ثم شهد بيعة العقبة الثانية، وهي البيعة التي بدأت تتغير منها موازين القوى، حيث أسلم الأوس والخزرج، وهاجر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المدينة ليبدأ الصراع بين دولة الإسلام الناشئة وبين مشركي العرب في شتى أنحاء الجزيرة. وقد كان معاذ بن جبل حينئذ واحدا من جند الإسلام، الذين شاركوا في الجهاد في سبيل الله وتعليم الدين للناس.وبعد أن حُسمت الجولة مع مشركي العرب لصالح الإسلام، واكتملت الرسالة، وتوفي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دخل المسلمون في مواجهات مع الإمبراطوريات المستبدة بشؤون الخلق من الفرس والروم ـ وكان نصيب معاذ أن شارك في فتوح الشام، ورأى انسياح الإسلام وانتشاره في العالم.
أعماله: كان معاذ بن جبل من أوائل أهل المدينة الذين اعتنقوا الإسلام، وكان أحد السبعين الذين شهدوا العقبة من الأنصار، وشهد بدرًا وأحدًا والمشاهدَ كلَّها مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي اليرموك أَبْلَى بلاء حسنًا، وكانت رايةُ ميمنة الجيش بيده.
مواقفه: اختاره رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليوجِّهه إلى اليمن قاضيًا، وحينذاك سأله: "بم تقضي يا معاذ" ؟ فأجابه قائلا: "بكتاب الله". قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: "فإن لم تجد في كتاب الله"؟ قال معاذ: "أقضي بسنة رسول الله". قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: "فإن لم تجد في سنة رسوله"؟ قال معاذ: "أجتهد رأيي لا آلو".. فتهلل وجه الرسول وقال: "الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يُرضي رسولَ الله".وذات مرة قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ له: "يا معاذ، والله إني لأحبك، فلا تنس أن تقول في عَقِبِ كل صلاة: اللهم أعِنّي على ذكرك وشكرِك وحسنِ عبادتك".وقال أبو مسلم الخَوْلاني: "أتيتُ مسجد حمص فإذا حلْقة فيها كهول من أصحاب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإذا شاب فيهم أكحلُ العين، بَرّاق الثنايا، كلما اختلفوا في شيء ردوه إلى الفتى، فقلت لجليس لي: من هذا؟ قال: هذا معاذ بن جبل. فوقع في نفسي حبُّه". وقال رجل لمعاذ بن جبل: علّمني. قال: وهل أنت مطيعي؟ قال: إني على طاعتك لَحَريصٌ. قال: صم وأفطر، وصلّ ونَمْ، واكْتَسِبْ ولا تأثَمْ، ولا تموتن إلا وأنت مسلم، وإياك ودعوة المظلوم.وكانت له امرأتان، فإذا كان يوم إحداهما لم يتوضأ في بيت الأخرى، ثم توفيتا في طاعون عَمواس، فدُفنتا في حفرة، فأقرع بينهما أيتُهما تُقَدَّم في القبر؛ عدلا بين زوجتيه بعد مماتهما كعدله بينهما حال الحياة.
وفاته: لما وقع الطاعون بالشام قال معاذ: اللهم، أَدْخِلْ على آل معاذٍ نصيبَهم من هذا.فأصيبت زوجتاه فماتتا، ثم طُعن ابنُه عبد الرحمن فمات. ثم أصيب معاذٌ نفسُه، فتوفي في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة، وعمره إذْ ذاك ثمانٍ وثلاثون سنة، وقيل: ثلاث وثلاثون.عن سعيد بن المسيَّب قال: رُفِع عيسى ابن مريم وهو ابن ثلاث وثلاثين، ومات معاذٌ وهو ابن ثلاث وثلاثين سنةً.