sokaty Admin
عدد الرسائل : 5121 تاريخ التسجيل : 06/04/2007
| موضوع: التمويل الإسلامى .......و دعوة الفاتيكان 2 السبت يوليو 17, 2010 3:18 pm | |
|
بعد الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله ...........أما بعد استكمالا لما بدأناه من الكلام على التمويل الإسلامى فإننا نلمح إلماحة عن تاريخ البنوك الإسلامية فى العالم الإسلامى ثم نكمل بيان المحاور الرئيسية التى يقوم عليها المصرف الإسلامى , فأول بنك خالٍ من مبدأ الفائدة هو بنك الادخار الذي أُسس عام 1963 في مدينة ميت غمر في مصر على يد الدكتور أحمد النجار، وكان هدفه مساعدة فقراء هذه المدينة، وإعطاء قروض حسنة خالية من الفائدة لمن يرغب من أهل هذه المدينة في بدء مشروعه. وتطور الأمر في السبعينيات؛ حيث دخلت منطقة الخليج بقوة في مسألة البنوك الإسلامية، بعد أن حققت وفرة مالية في هذه الفترة، وسعى مواطنوها إلى استثمار تدفقاتهم المالية بشكل حلال؛ الأمر الذي أدى لظهور مصرف إسلامي في دبي عام 1975. وقد اتسعت رقعة المصارف الإسلامية في العالم الإسلامي؛ بل وأيضا في الدول الغربية التي يوجد بها ملايين المسلمين؛ حتى وصلت -وفقا لخبراء بالمنتدى- إلى 256 مؤسسة في أنحاء العالم، قيمة موجوداتها 262 مليار دولار، ولا تتعامل البنوك الإسلامية في استثمار أموالها في قطاعات تحظرها الشريعة، مثل لحم الخنزير، والخمور، والقمار, ونحن لابد أن نقول ان التزايد المستمر للإستثمار الإسلامى يأتى بسبب التمسك بمبادىء الشريعة الإسلامية و ان كنا نقول بأن هناك تحفظات على بعض هذه المصارف فى موافقة واقعها لدعواها موافقة الشريعة الإسلامية و تحريها الإلتزام بالأحكام الشلاعية و لذا فإننا نكمل هذه الإلماحة البسيطة عن المبادىء الأساسية التى يعتمد عليها المصرف الإسلامى وقد كنا توقفنا فى المقال السابق على السؤال الذى يطرح نفسه وهو ما معنى الربا الذى حرمه الله و ما هى الحكمة التى من أجلها حرم الله الربا .....؟ فالواقع أن معنى البيع أو التجارة كان معلوما لدى العرب كما كان لدى غيرهم، ويتحقق من وراءه للبائع زيادة على ثمن الأصل مقابل منفعة يحصل عليها الطرف الآخر (المشتري ) من حصوله على المبيع. فالزيادة التي تتحقق للبائع فوق ثمن الأصل وهى المكسب أو الربح يقابلها "عوض" مؤكد يحصل عليه الطرف الآخر. ولا يختل هذا المعنى للبيع إلا إذا تم قسرا بغير تراض أو تضمن غشا أو غبنا فاضحا. ومن ثم قوله سبحانه وتعالى في شأن البيع "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ", أما الربا فهو زيادة لا يقابلها"عوض". فليس في تأخير دفع الدين أي عوض، وإن ظن من يتعاملون بالربا أن "الأجل" "عوض" مقابل الزيادة فإن الله عز وجل قد حكم بأنه ليس كذلك فأبطله هذا عن ربا النسيئة والذي يتحقق نتيجة تأخير سداد دين مستحق. أما ربا الفضل (ربا البيع) فليس مرتبط بدين أوالإطلاق،ما يتحقق في أي مبادلة حاضرة تتم بين مالين متماثلين إذا تحقق لأحد طرفي التبادل فيها زيادة مخصوصة.فهذه الزيادة فيها ظلم لأنها إما بلا عوض على الإطلاق، أو هناك شك فيما يقابلها من عوض، فتكون بذلك ربا صريح أو ذريعة مؤكدة إلى الربا.
وقد اتضح معنى ربا الفضل أو ربا البيع من عدد من الأحاديث الصحيحة منها "جاء بلال رضي الله عنه بتمر برني (و هو من أجود التمر) فقال له رسول الله عليه و سلم من أين هذا فقال بلال كان عندنا رديء فيعت منه صاعين بصاع لمطعم النبي صلى الله عليه و سلم عند ذلك "أوه عين الربا لا تفعل و لكن إذا أردت أ ن تشتري التمر فبعه ببيع آخر ثم اشتريه " (أخرجه مسلم).
وهنا نجد أنه بينما أن البيع قد تم عن تراض فإن الرسول صلى الله عليه و سلم خشي أن تكون المبادلة غير متكافئة أو عادلة بين صاعين من تمر رديء بصاع من تمر جيد فيصير لأحد الطرفين زيادة لا يقابلها عوض للطرف الآخر فتكون هذه الزيادة ربا حرام، ومن ثم فقد نصح بلال بأن يجعل هناك وسيطا آخرا في المبادلة بين جنسين متماثلين من الطعام أي بين تمر وتمر مثلا.
والحديث الجامع الشامل الذي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى الربا ، و معنى البيع الذي لا يداخله ربا هو حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد " (متفق عليه في الصحيحين ) ونفس الحديث أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري مع قوله صلى الله عليه و سلم بعد أن ذكر الأصناف الستة مثلا بمثل يدا بيد "فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء" .
وفي الآيات القرآنية الخاصة بالربا في سورة البقرة ما يؤكد أن الله عز وجل فتح باب المغفرة والتوبة واسعا لمن تعاملوا بالربا ثم تبينوا خطاهم حتى أنه تغاضى عما سلف من الربا "فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ " و لكنه توعد بالعذاب من يعود منهم بعد ذلك غلى ممارسة الربا فقال تعالى "ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " البقرة 275" و المقصود بما سلف من الربا هو ما تم قبضه قبل التوبة.أما الربا الذي لم يقبض بعد فلا حق لمؤمن فيه بعد أن تاب إلى الله. و من ثم نجد أنه سبحانه و تعالى يشدد على ترك ما بقى من الربا _أي الذي لم يقبض بعد فقال "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ " (البقرة 278)، ثم شدد سبحانه و تعالى على الذين يتمسكون بقبض بقية مستحقاتهم من ربا قبل توبتهم عنه فقال لهم "فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوس أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ " (البقرة 279)، بمعنى إن أصررتم على تحصيل ما بقى لكم من ربا كان مستحقا لكم قبل توبتكم فأنكم تقيمون على أنفسكم الحجة بأنكم غير مؤمنين "وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" لا تختلفون عن الكفار الذين يستحلون الربا "فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ". ويلاحظ أن الربا ليس له حد شرعي مثل السرقة (قطع يد السارق) أو مثل الزنا (الرجم أو الجلد ) ولكن له عقوبة شديدة مباشرة من الله ورسوله و هذا تفسير قوله تعالى "فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ) أما إن تبتم فعلا و حقا فاعلما أنه ليس لكم سوى رؤوس أموالكم التي تكونت بالحلال وليس بطريق الباطل طريق الربا (أو غيره ) وقوله تعالى "لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ" يدل على أن الربا فيه ظلم كما قال ليه الصلاة والسلام " لعن الله آكل ا لربا ومؤكله، و كاتبه وشاهديه" و قال "هم سواء" رواه مسلم وفى الحقيقة ان الكلام على حرمة الربا لايمكن ان يستوفى فى مقالة و انما يستوفى ذلك فى كتب الفقه . ومن الصيغ التي تقوم من خلالها البنوك الإسلامية بالتمويل والاستثمار هي "المضاربة" التي تعني عملية استثمارية تقوم على اتفاق بين طرفين: أولهما:صاحب رأس المال. وثانيهما: المضارب أو العامل؛ أي الطرف المختص باستثمار المال. ويتفق الطرفان معا على مقاسمة ما قد يتحقق من ربح من عملية الاستثمار بنسب معينة فيما بينهما. وفي حالة الخسارة لا يحصل المضارب على شيء إطلاقا. وهناك صيغ أخرى للتمويل الإسلامي؛ منها "المرابحة" التي تعرف بأنها بيع السلعة بثمن شرائها، إضافة إلى زيادة ربح معلوم يُتفق عليه، ويظهر الجانب التمويلي إذا بيعت السلعة مرابحة لأجل أو على أقساط؛ وبالتالي تتضمن العملية بجانب البيع ائتمانا تجاريا يمنحه البائع للمشتري الذي يسدد فيما بعد من إيراداته؛ إما على مرة واحدة أو على أقساط. "السلم" هو الآخر يمثل أداة من أدوات البنوك الإسلامية تحدث عنها المنتدى، وهو عبارة عن عقد بيع يتم بموجبه تسليم ثمن حاضر مقابل بضاعة مؤجلة موصوفة بدقة ومعلومة المقدار كيلا أو وزنا. وتأتي أهمية هذا النمط من أنه يعطي قدرا من التمويل للبائع حتى يقوم بتسليم بضاعته بعد فترة معينة. و"البيع بالأجل" عكس ما سبق؛ فهو عقد يتم بموجبه الاتفاق على تسليم بضاعة حاضرة مقابل ثمن مؤجل، وهذا النمط مهم لتوفير قدر من التمويل للمشتري حتى يتمكن من دفع الثمن بعد فترة معينة. أما مفهوم "الإجارة" فيندرج في الإطار العام للبيع؛ فإذا كان البيع ينصب على تمليك الأعيان؛ فإن الإجارة تختص بتمليك المنافع بمقابل هو الأجرة، وللإجارة نوعان أساسيان؛ أحدهما يسمى "التأجير التشغيلي"، وهو اتفاق يتم بمقتضاه استئجار أصل معين، واستخدامه بواسطة مستأجر، في مقابل التزام هذا الأخير بسداد مبالغ دورية لفترة زمنية محددة في العقد إلى مالك الأصل (المؤجر). أما النوع الثاني فهو "التأجير التمويلي"، وفيه يقدم البنك خدمة تمويلية عن طريق شراء معدة تؤجر للعميل لاستخدامه في أعماله، وفي المقابل يقوم العميل بدفع أقساط إيجارية كل فترة معينة. وعلى عكس القرض الربوي الذي تقدمه البنوك؛ فإن هناك في المقابل ما يسمى بالقرض الحسن الذي هو إعطاء شخص لآخر مالا لينتفع به على أن يرده في وقت آخر دون زيادة، وذلك على عكس القرض الربوي الذي يتضمن زيادة محددة تسمى الربا. والقرض الحسن سمي بذلك لأنه يدخل في باب الرفق بالناس؛ فالمُقرِض يقدم منفعة ماله مدة من الزمن لغيره، ويضحي بهذه المنفعة من أجل نيل الثواب من الله. كما ساهمت البنوك الإسلامية في خلق ما يسمى بصكوك الاستثمار التي تعني وثائق متساوية القيمة تمثل حصصا شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص، وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك، وقفل باب الاكتتاب، وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله. وتعرف هذه الأداة التمويلية "بالصكوك الاستثمارية" تمييزا لها عن الأٍسهم وسندات القرض. والصك الاستثماري قد يكون صك استصناع أو مرابحة أو مشاركة أو إجارة أو مزارعة و من خلال هذا الإستعراض البسيط و السريع للأدوات التى يستخدمها المصرف الإسلامى فإننا نقول الحمد الله الذى اشهدنا كيف اعترف الغرب الكافر بعظمة الإسلام و قيمه فى صورة الإعتراف بقدرة المصارف الإسلامية على حل المشاكل المعقدة التى تسبب فيها النظام الربوى و لعل هذه حلقة من حلقات تهاوى المبادىء الغربية امام القيم الإسلامية الربانية التى تستقى من الكتاب و السنة مصداق قوله تعالى ( فأما الزبد فيذهب جفاء و اما ما ينفع الناس قيمكث فى الأرض ) و الحمد الله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم .
|
| |
|