[size=16]بسم الله الرحمن الرحيم
داء الإعجاب بالنفس
هذا الداء الخطيير يتسلل بخبث الى النفوس من شأنه أن يحبط العمل الصالح ويفسده ,بل وتصل خطورته الى حد الوقوع في دائرة الشرك الخفي بالله عزوجل .
معنى ذالك أن الواحد منا يتعب ويبذل الكثير من أجل القيام بعمل ما ,ثم يأتي داء العجب فيقضي عليه ويحبطه ويكفي لبيان خطورة هذا الداء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
عده من المهلكات فقال(...فأما المهلكات :فشح مطاع.وهوى متبع. وإعجاب المرء بنفسه)
حديث حسن اورده الالباني في صحيح الجامع
ومن سمات هذا الداء أن لديه القدره على التسلل بخبث إلى النفوس: نفوس العلماء,والعباد,والخطباء,وأصحاب المواهب والنجاحات,..فهويعرف
جيدا طريقه إلى كل نفس,ولا يكاد يتركها إلا بعد أن يضخمها ,ويعظم قدرها في عين صاحبها.
فالعجب داء لايكاد يسلم منه أحد,فما من موقف إيجابي يقوم به الانسان –قولا كان أو فعلا-إلا ولهذا الداء محاولة للتأثير على نفسه والعمل على تضخيمها والإعجاب بها ونسيان المنعم عزوجل فهو
حقيقة العجب:
قال المحاسبي:هو حمد النفس على ماعملت وما علمت,ونسيان أن النعم من الله عزوجل.
*لماذا العجب يحبط العمل الصالح ؟
-لأن الله عز وجل لايقبل إلا ماكان خالصا لوجهه,وأستُعين به سبحانه على أدائه.فالمعجب يستعين بنفسه أكثر مما يستعين بالله لذالك قال أبن تيميه :المعجب بنفسه لا يحقق إياك نستعين,كما أن المرائي لايحقق إياك نعبد.
- مخاطره:
قيل للسيدة عائشة -رضي الله عنها-:متى يكون الرجل مسيئا؟ قالت:إذا ظن أنه محسن.
وقال يحيى بن معاذ:إياكم والعجب,فإن العجب مهلكة لأهله وإن العجب ليأكل الجسنات كما تأكل النار الحطب,فالذي يبيت نائما ويصبح نادما خير ممن يبيت قائما ويصبح معجبا.
وقال ضرار بن مره:يقول إبليس :إذا استمكنت من ابن ادم ثلاث ؟أصبت منه حاجتي :أذا نسي ذنوبه,واستكثر عمله ,وأعجب برأيه.
ويقول أبن عطاء:رب معصية أورثت ذلا وانكسارا خير من طاعة أورثت عجبا واستكبارا
وسُئل سعيد بن جبير :من أعبد الناس ؟قال:رجل اجترح من الذنوب وكلما ذكر ذنبه أستحقر نفسه .
العلاج :
اعلم أن علاج كل علة هو مقابلة سببها بضده وعلة العجب الجهل المحض ، أي جهل العبد بنفسه وبربه عز وجل فعلاجه المعرفة المضادة لذلك الجهل ، فالعجب إما بالعلم أو المال أو النسب وكل ذلك بفضل الله عز وجل ومنه ، قال تعالى :
( وما بكم من نعمة فمن الله ) [size=12][ النحل : 53)]وقال تعالى : ( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) [ النساء : 79] والحسنة في الآية هي النعمة، والسيئة هي المصيبة ، وأعظم النعم هي نعمة الهداية والتوفيق للعلم والعمل فمنشأ العجب هو الجهل وكفران نعمة الله عز وجل على العبد قال تعالى : ( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدا)
[النور: 21).
و العبد مهما بلغ في العلم والعمل فإنه لا يدخل به الجنة حتى يتغمده الله عز وجل برحمته كما قال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وأفضلهم لأصحابه وهم خير الناس : " ما منكم من أحد ينجيه عمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته " .*قال بعضهم : لا تغتر بكثرة العمل فإنك لا تدري أيقبل منك أم لا ، ولا تأمن من الذنوب فإنك لا تدري كفرت عنك أم لا ، إن عملك كله مغيب عنك . أما المال فليس للعبد فضل فيه بل هو محض فضل من الله عز وجل وقد أخبر الله عز وجل عن الكافرالذي أعجب بماله فقال : ( أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً ).
[الكهف : 34] .
وقال عن قارون : ( إنما أوتيته على علم عندي ) : [ القصص 78]وأخبر الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات:13]. وقال صلى الله عليه وسلم " إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية ـ أي كبرها ـ كلكم بنو آدم وآدم من تراب ".
فحري بالعبد أن يتذكر دائما نعم الله تعالى عليه وأن النفس التي بين جنبية لولا مافيها من النفخة الالهيه ماكانت تساوي شيئا وقد لفت أحد السلف النظر إلى هذه الوسيلة حين سمع معجباً بنفسه قائلاً أتعرف من أنا ؟ فرد عليه بقوله : نعم : أعرف من أنت ، لقد كنت نطفة قذرة وستصير جيفة قذرة، وأنت بين هذا وذاك تحمل العذرة( وأن هداية الانسان وتوفيقه للعمل إنما هو محض فضل وإنعام من الله تعالى وليس للعبد في ذلك نصيب،وأن يخاف من سيئاته أن توبقه وتهلكه ،
نسأل الله الكريم أن يطهر قلوبنا من كل ما لا يرضيه.
[/size]