sokaty Admin
عدد الرسائل : 5121 تاريخ التسجيل : 06/04/2007
| موضوع: مفهوم التعايش السلمي شرعا الأربعاء أكتوبر 20, 2010 3:46 am | |
| [size=21] بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلموأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسولهقال تعالى :{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل "بسم الله الرحمن الرحيم - من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله - إلى قوله: "فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون".{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (4) سورة الممتحنةأما بعد :عند الحديث عن التعايش السلمي الذي يدع إليه اليوم الكثير من الدعاة ينبغي علينا أن نفهم مفهوم هذا التعايش ونضبطه من خلال الشرع حتى يقع صحيحا أما أن نترك اللفظ فضفاضا من غير ضبط لمعنى هذا المفهوم فهذا يعني ضياع الكثير من الحقائق في هذا المعنىونحن إذ نستمع إلى دعاة التعايش السلمي مع الغرب لا نفهم من هذا الدعاء إلا شيئا واحدا وهو أن يحيى الناس حياة الأمن والأمان دون الخوف والفزع ومن غير اعتداء أحد منهم على الآخر مع وجود أواصر الألفة والمودة والمحبة لأن بدونهما لن يتحقق التعايش السلمي بين الشعوب ، وسيبقى الجميع في خوف وفزعوهذه المناداة بيننا وبين الغرب للتعايش السلمي مما يثلج الصدور ويريح النفوس فمن منا لا يريد أن يخلد إلى حياة الأمن والأمان والسلام مع كل أصناف البشر ليهنأ له العيش بدون منغصات أو كدر ، ولو كان الأمر والحكم لنا لما اخترنا غير هذا إلا أن الأمر فيه خطب وأمر جلل يتجسد في نوع العلاقة المراد تعايشها مع الآخرين ومدى خضوعها وانضباطها لأوامر الدين .لأن تعايش المسلمين مع غيرهم من أهل النحل والأديان لا يمكن الأخذ والعمل به إلا بعد ضبطه بأحكام الإسلام والذي من شأنه أن يضبط المسائل والأشياء وبه يحصل العدل والسلام فيعطي كل ذي حق حقه فلا يظلم الناس بعضهم بعضا .أقول :إن صدور هذه الدعاوى الآن من بعض الدعاة فيه هضم وتجني على المسلمين ومؤازرة للكافرين الظالمين لأن الذي ينادي بهذه الدعوة وكأنه يوجه سهام الاتهام للمسلمين بأنهم اعتدوا وظلموا الغرب الكافر بالاعتداء عليهم فلا بد لهم أن يعيشوا معهم حياة الأمن والسلام بدلا من حياة الظلم والعدوان !!! .فهو يصور الأمر ويظهره على غير حقيقته التي ينبغي أن تكون عليه ففاقد الشيء لا يعطيهلأن الذي يدعو إلى التعايش السلمي مع الآخرين لا بد له أن يمتلك مقومات القدرة لفرض ذلك التعايش السلمي مع غيره لأن دعوة التعايش السلمي من العاجز ضعف واستسلام .فعلى الداعية أن يحسن اختيار الخطاب في الزمان والمكان ليقع في وجهه الصحيح المراد منه لأن خطاب التعايش للمسلمين وهم يعيشون حالة الظلم والقهر والذل والهوان يظهر مدى الانهزامية التي يعيشها بعض هؤلاء الدعاة وقبولهم بالذل والهوان وقبول المزيد من الاستسلام والخضوع والخنوع لجلاديهم من الغرب أعداء الدين الذين مارسوا عليهم أشد أنواع الظلم والقهر من تقتيل أبنائهم واغتصاب أوطانهم والاستهزاء والسخرية من أنبيائهم ودينهم .لذلك كان الواجب على هؤلاء الدعاة أن يكون خطابهم لأمة الإسلام هو الإعداد ضد ما يكيد له هؤلاء الكفار والمشركين لحماية أنفسهم من جانب الأعداء وإظهار عدم الرضا بعين الغضب والسخط عليهم لسبهم وشتمهم الأنبياء والاستهزاء والسخرية بالدين والإعتداء على بلاد المسلمين .وهذه الدعوة للتعايش السلمي مع الغرب الذي عادى المسلمين وسب نبينا الكريم يشخص الانهزامية التي يعيشها البعض من هؤلاء الدعاة في ظل المحاباة التي يتوددون لهم بها ، فبدلا من اشتداد غضبهم عليهم وتمعر وجههم ، ومخاطبتهم بشدة وعنفوان على فعلتهم تلك ذهب البعض منهم لبلادهم وكأنه طالب الغفران .أعود فأقول :إن استدلال البعض من الدعاة بحياة التعايش السلمي مع الآخرين في زمن النبوة ينقصه حسن الفهم مما ينشأ عنه سوء الاستدلال لأن الكلام في الفروع مبني على معرفة الأصولفلا ينبغي أبدا قياس حالت العزة والتمكين واستعلاء المسلمين ونفوذهم في ذلك الوقت مع حالة الضعف والانكسار والهزيمة والخنوع التي يتمرغ بها المسلمون اليوم .والدولة الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كانت لها تلك القدرة التي جعلتها تنصف جميع أصناف المجتمع سواء كان مسلما أو يهوديا أو نصرانيا .والأمر الآخر الذي ينبغي أن يفهمه دعاة التعايش أن الخطاب ينبغي أن يكون موجها أولا لأصحاب القدرة والتمكين لأن الشعوب ليس بقدرتها إنفاذ الأحكام على الآخرين ليتم من خلاله ضبط أصول ذلك التعايش لأن الشعوب خاضعة لأحكام من يسوسها فلو أن دولة ما كان بينها وبين أخرى عداء وحروب فهل تقدر الشعوب على عدم الخضوع لذلك النفوذ أم أنها تابعة لساساتها .ومن ثم يكون الخطاب بالتعايش السلمي مع الآخرين في حالة تمكن تلك الدولة الإسلامية للفرد في حسن التعايش مع الآخرين الذين يشاركونهم في الحياة وفي الوطن الواحد ضمن ضوابط الشرع والتي منها حسن الجوار كما وصى بذلك الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم والأمانة معهم بالبيع والشراء وجواز الأكل والشرب ونكاح نسائهم وجواز زيارتهم وحسن معاملتهم وكل هذا على أن لا يكون فيه شيء من التنازل أو الاعتداء منهم على حق من حقوق الإسلام والمسلمين ،بل إن حسن التعامل معهم وإنصافهم يكون في حالة عدم التمكين لدولة الإسلام والمسلمين إذا عرف من هذا المرء الغير مسلم عدم العداء للإسلام والمسلمين .ولننظر إلى هذه القصة من حسن معاملة المسلمين في غير دولة الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لغير المسلمين في أيام التتار من عهد ابن تيمية رحمه الله .يقول رحمه الله في رسالته إلى سرجوان :وقد عرف النصارى كلهم أني لما خاطبت التتار في إطلاق الأسرى فأطلقهم غازان ، وقطلوشاه ، فسمح بإطلاق المسلمين ، قال لي : لكن معنا نصارى أخذناهم من القدس ، فهؤلاء لا يطلقون ، فقلت له : بل جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهل ذمتنا ؛ فإنا نفتكهم ، ولا ندع أسيرا ، لا من أهل الملة ولا من أهل الذمة .وأطلقنا من النصارى من شاء الله ، فهذا عملنا وإحساننا ، والجزاء على الله .أقول :لا ينبغي أبدا على الداعية المسلم الذي يمتلك حسن الفهم ومعرفة أصول الشرع أن يستدل بهذه القصة ومثيلاتها على حالة التعايش السلمي بيننا وبين الغرب بإطلاق دون تقييد .والسبب في ذلك :أن هذه القصة في جانب واحد من جوانب التعايش مع غير المسلمين وهو وجودهم تحت حكم دولة الإسلام أو بين المسلمين مع ائتمان جانبهم ضد المسلمين ، والتعايش المطلوب والمنادى به من هؤلاء الدعاة إنما هو أعم من هذا التخصيص وهو تعايش عام مع كل بلاد الكفر والإلحاد الذين اعتدوا على الحرمات وانتقصوا من الأنبياء كما حصل أخيرا من الدانمارك ومن سار في فلكها .فهذه القصة وأمثالها يصلح الخطاب بها للمسلمين في حسن التعامل مع من يعيش معهم من غير ديانتهم كما هو الآن حاصل في بلاد المسلمين ما التزموا بضوابط الشرع ولم يعتدوا على أحد منا أو على ديننا .قال تعالى :**لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } ( سورة الممتحنةأما ما كان من بلاد الكفر والأعداء فلم يخاطبهم شيخ الإسلام بالرسالة بنفس الخطاب فقال رحمه الله :ومع خضوع التتار لهذه الملة ( الإسلام ) فلم نخادعهم ولم ننافقهم بل بينا لهم ما هم عليه من الفساد والخروج عن الإسلام الموجب لجهادهم وأن جنود الله المؤيدة وعساكره المنصورة المستقرة بالديار الشامية والمصرية ما زالت منصورة على من ناوأها مظفرة على أعدائهاثم قال رحمه الله :فمن كان لا يؤمن بالله بل ويسب الله ، وأن المسيح عليه السلام قد صلب ، ولا يؤمن برسله ، ..... ، فمن هذا حاله فقد أمر الله ورسوله بجهاده حتى يدخل في دين الله ، أو يؤدي الجزية ، وهذا دين محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم . انتهى كلامهوعند حديث الدعاة عن التعايش مع دول الغرب لفت انتباهي إغفال جانب ضبط ذلك التعايش بضوابط الشرع مع أنهم يتكلمون عن الشرع وعن سماحة الإسلام في التعايش ويطلقون العنان لطلب التعايش بدون بيان مالنا وما عليهم ولا يظهرون من الإسلام إلا الجانب العاطفي التسامحي ، بشاشة وجه ، وتبسم ثغر ، وحسن معاملة ، ....، دون بيان الضوابط التي ينبغي أن يكون عليها الآخرون ليكسبوا هذا الجانب المشرق المنير في صفحة الإسلام ، ومن ثم غفلتهم عن جانب العزة والتمكين وعدم الرضا بالاعتداء على أي فرد من المسلمينفوصف الإسلام والحديث عنه بهذه الطريقة التي قد تشجع البعض على المزيد من شتم الرسول والاعتداء على حرمات المسلمين دون البيان أن المسلمين لهم قدرة وعزة على الانتقام لأنفسهم ولنبيهم ولدينهم والدفاع عنهم ، تنقص و ازدراء للإسلام والمسلمين .وعليه أقول :إن حالة التعايش بيننا وبين غير المسلمين قد بينها الشرع ولم يجعل للبشر شأن فيها ولها حالتان :في حالة السلم وفي حالة الحربأما حالة السلم : وهو ما يكون بيننا وبينهم عهود ومواثيق فينبغي الوفاء لهم بها وعدم الغدر بهم أو خيانتهمفيتم لأهل العهدوالصلح عهدهم وأن يوفي لهم به ما استقاموا على العهد فإن خاف المسلمون منهم خيانة نبذ إليهمعهدهم ولا يقاتلوا حتى يعلموا بنقض العهد و يقاتل من نقض عهدهولهذا الصلح شروط منها :أولا : أن تكون معاهدة الصلح والسلام معهم مؤقتة لمدة معلومة ، ذهب الجمهور على أنها لا تزيد على عشر سنوات ، أو مطلقة يصح للمسلمين إنهاءها متى أرادوا بشرط إعلام عدوهم .وصلح دائم مؤبد : وهذا محرم بالشرع لأن هذا يفضي إلى تعطيل الجهاد بالكلية ، وهذا مع غير المعتدي على بلاد المسلمين فكيف إن كان الصلح المؤبد على المعتدى على أرض الإسلام والمسلمين ومغتصب حقوقهم وأراضيهم ومقدساتهمثانيا : أن يكون فيها مصلحة للمسلمين وعلى أن لا يكون فيها شيء يخالف شرائع الإسلام أو تعدي على الحقوق والواجبات كمن يقبل بالسلام مع اليهود مقابل الأرض فهذا باطل لا يجوز قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم " (من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل)أما في حالة الحرب والقتال : فالتعايش حينئذ يكون مفقود فإما أن يدخلوا في الإسلام ، أو يدفعوا الجزية ، فإن امتنعوا قوتلواوالقتال هنا ليس لإكراههم للدخول في الإسلام كما بينت برسالتي" صهيل الخيول على انتشار الإسلام بالسهام والسيوف " ــ وهي موجود على شبكة الإنترنت ــ فقد قال تعالى " لا إكراه في الدين " وإنما للتمكين لدولة الإسلام والمسلمين والخضوع لأحكامها حتى إذا تمكن المسلمون من ذلك حموا جانب دولة الإسلام واستطاعت أن تفرض التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم من أهل الأديان لأنه بدون ذلك لن تتمكن من فرض التعايش السلمي معهم .قال تعالى : ** وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (40) سورة الحـجوقال تعالى :{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}وجاء في حديث بريدة الذي في الصحيحين" ... اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر الله .... وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال فأيتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم، وكُفّ عنهمادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفعنهم...فإن هم أبوا فسلهم الجزيةَ، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوافاستعن بالله وقاتلهم.. الحديث "فإن دخلوا في الإسلام فهم إخوان لنا في الدينوإن قبلوا الجزية وخضعوا لحكم دولة الإسلام فهم أهل عهد وذمة وتطبق عليهم الشروط العمرية ما استطاعت الدولة بذلك ولا يحل لهم لبس الصليب ، أو شرب الخمر أو أكل لحم الخنزير ولا يظهروا أمور عباداتهم علانية .... .والناظر للسيرة النبوية يعرف جيدا كيف كان حال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع الكفار والمشركينولنترك هنا ابن القيم رحمه الله يبين لنا هذه المرحلة النبوية منذ بعثته صلى الله عليه وآله وسلم إلى مماتهلتظهر لنا العلاقة الحقيقية في كيفية التعايش التي ينبغي أن تكون عليها العلاقات بين المسلمين والكفارقال رحمه الله :فى ترتيب سياق هديه مع الكفار والمنافقين من حين بعث إلى حين لقي الله تعالىأول ما أوحى إليه ربه تبارك وتعالى : أن يقرأ باسمربه الذي خلق وذلك أول نبوته فأمره أن يقرأ في نفسه ولم يأمره إذ ذاك بتبليغ ثمأنزل عليه ** يا أيها المدثر * قم فأنذر } ( المدثر : 1 ، 2 ) فنبأه بقوله :( اقرأ ) وأرسله بـ ** يا أيها المدثر } ثم أمره أن ينذر عشيرته الأقربين ثم أنذر قومه ثمأنذر من حولهم من العرب ثم أنذر العرب قاطبة ثم أنذر العالمين فأقام بضع عشرة سنةبعد نبوته ينذر بالدعوة بغير قتال ولا جزية ويؤمر بالكف والصبر والصفحثم أذنله في الهجرة وأذن له في القتال ثم أمره أن يقاتل من قاتله ويكف عمن اعتزله ولميقاتلهثم أمره بقتال المشركين حتى يكون الدين كله للهثم كان الكفار معه بعد الأمربالجهاد ثلاثة أقسام: أهل صلح وهدنة وأهل حرب وأهل ذمةفأمر بأن يتم لأهل العهدوالصلح عهدهم وأن يوفي لهم به ما استقاموا على العهد فإن خاف منهم خيانة نبذ إليهمعهدهم ولم يقاتلهم حتى يعلمهم بنقض العهد وأمر أن يقاتل من نقض عهدهولما نزلت (سورة براءة ) نزلت ببيان حكم هذه الأقسام كلها فأمره فيها أن يقاتل عدوه من أهلالكتاب حتى يعطوا الجزية أو يدخلوا في الإسلام وأمره فيها بجهاد الكفار والمنافقينوالغلظة عليهم فجاهد الكفار بالسيف والسنان والمنافقين بالحجة واللسانوأمره فيها بالبراءة من عهود الكفار ونبذ عهودهم إليهم وجعل أهل العهد في ذلك ثلاثة أقسامقسما : أمره بقتالهم وهم الذين نقضوا عهده ولم يستقيموا له فحاربهم وظهر عليهموقسما : لهم عهد مؤقت لم ينقضوه ولم يظاهروا عليه فأمره أن يتم لهم عهدهم إلى مدتهموقسما : لم يكن لهم عهد ولم يحاربوه أو كان لهم عهد مطلق فأمر أن يؤجلهم أربعة أشهرفإذا انسلخت قاتلهم وهي الأشهر الأربعة المذكورة في قوله : ** فسيحوا في الأرض أربعةأشهر } ( التوبة : 2 ) وهي الحرم المذكورة في قوله : ** فإذا انسلخ الأشهر الحرمفاقتلوا المشركين } ( التوبة : 5 ثم أمره بعد انسلاخها أن يقاتلهم فقتل الناقض لعهده وأجل منلا عهد له أو له عهد مطلق أربعة أشهر وأمره أن يتم للموفي بعهده عهده إلى مدتهفأسلم هؤلاء كلهم ولم يقيموا على كفرهم إلى مدتهم وضرب على أهل الذمة الجزيةفاستقر أمر الكفار معه بعد نزول براءة علىثلاثة أقسام :محاربين له وأهل عهدوأهل ذمةثم آلت حال أهل العهد إلى الإسلام فصاروا معه قسمين : محاربين وأهلذمةوالمحاربون له خائفون منه فصار أهل الأرض معهثلاثة أقسام : مسلم مؤمن بهومسالم له آمن وخائف محارب. انتهى كلامه رحمه الله .حالة التعايش السلمي للمسلمين في بلاد الغرب مع الكافرينحذر الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من السفر والإقامة في بلاد الغرب فقال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : " أنا بريء من مسلم يقيم بين ظهراني المشركين لا تراءى ناراهما"وقال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : " من جامع المشرك أو سكن معه فهو مثله"لذلك ينبغي على المسلمين ترك بلاد الكفر وعدم الإقامة فيها إلا أن هذا مشروط بإظهار الدين على الوجه المطلوب شرعا إن أمن الفتنة وأداء الواجبات وفي ذلك يقول الشيخ اسحاق بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ رحمهم الله جميعا :" ولما قالت قريش لابن الدغنة بعد إرجاعه أبا بكر إلى مكة وإجارته إياه مره أن يعبد ربه بداره ولا يستعلن بالقرآن ، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا ، أبى إلا الاستعلان بالقرآن ولم يزل إلى أن هاجر "فمن كان بهذه المثابة داعيا إلى الله ناهيا عن المنكر أو مصرحا بما هو عليه فمقامه جائز . انتهىوقد حكى ابن العربي المالكي عن ابن قاسم قال : سمعت مالكا يقول : لا يحل لأحد أن يقيم بأرض يسب فيها السلف "فكيف بمن يدع للتعايش والتقارب مع من يسب صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وعائشة أم المؤمنين ويتهما بالإفكفإما أن يقبل ذلك التعايش ويسكت عن سبهم لصحابة الرسول وأهل بيته فيبيع دينه من أجل مداهنتهم والرضا والقبول بمعايشتهم وإما ينبذ إليهم كفرهم وضلالهم حتى يعلنوا توبتهم من كل ما فيه عداء للإسلام وأهل السنة وأهلهافينبغي على هؤلاء الدعاة قبل الدعوة للتعايش مع هؤلاء مطالبتهم الجازمة والصريحة بالتبرؤ من كل تلك الاتهامات وعلى المليء وعلى أعلى المستويات مع التوبة وعدم الرجوع إلى ذلك وحينئذ يمكننا الحديث على ما يسمى بالتعايش وكيف بآخرين بمن يقيمون ببلاد الكفر يوالوهم ويتشبعون بقيمهم ومبادئهم ويشاركوهم بأعيادهم وأفراحهم وأحزانهم على حساب دينه ومعتقده باسم التسامح والتعايش فبغض الكافر ومعاداته مشروط في الإيمانقال تعالى : {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ } (4) سورة الممتحنةوقد يعتذر البعض بضيق العيش وحاجته للمال لسفره وإقامته في بلاد الكفروفي هذا يقول البغوي رحمه الله في تفسير قوله تعالى : {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ } (56) سورة العنكبوتنزلت في قوم تخلفوا عن الهجرة بمكة ، وقالوا : نخشى إن هاجرنا الجوع وضيق المعيشة إلى أن قال : ويجب على كل من كان ببلد يعمل فيها بالمعاصي ، ولا يمكنه تغييرها ، الهجرة إلى حيث تتهيأ له العبادة .فلا ينبغي على المسلم الامتناع عن السفر من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام بسبب الخوف من الجوع أو نقص الأموال والله تعالى يقول : {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (100) سورة النساءفإن كان المسلم في سبيل التعايش السلمي مع الكفار سيكون على حساب دينه فليتق الله ربه وليهاجر من تلك البلادوالتضييق الآن حاصل على المسلمين بسبب حجابهم أو صلاتهم وأمور عباداتهم فليتق الله من لا يقدر على إقامة الواجبات والشرائع في تلك البلاد بل وقد يعمد البعض لفعل المنكرات لدفع الشبهة عنه أنه ليس ممن يرفع شعار الإسلام .والله المستعان للأمانة منقول [/size] | |
|