sokaty Admin
عدد الرسائل : 5121 تاريخ التسجيل : 06/04/2007
| موضوع: أثر العقيدة في إدراك الحياة السعيدة الجمعة يوليو 02, 2010 6:03 pm | |
| الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد – صلى الله عليه و سلم – و على آله و صحبه أجمعين. أما بعد ؛ إن الحياة السعيدة و الهنيئة هي مطلب كل إنسان ، و لكي يصل إلى تلك المستويات من راحة البال و الطمأنينة عليه أولا أن يتحلى بالإيمان بالله سبحانه و تعالى و الاتكال عليه ، و ثانيا ببعض المهارات الحياتية المكتسبة بالفطرة أو المتدرب عليها أثناء المراحل العمرية التي يمر بها ، و على الإنسان بذل الأسباب و الاتكال على الله عز و جل و تأدية واجبه على أكمل وجه و التيقن بأن الله سبحانه و تعالى سوف يجزيه خير الجزاء في الدنيا و الآخرة ، فإن كان جزاء العمل خيرا فعلى الإنسان أن يحمد الله تعالى على هذه النعمة و يحافظ عليها و يستعملها في طاعة الله و مرضاته ، و إن كان الجزاء مصيبة من عند الله فعليه التيقن أنه امتحان من عند الله تعالى له على الصبر و الطاعة ، و هذا هو الفرق بين المؤمنين و غيرهم من الناس ؛ الصبر ، قال تعالى : " و اصبروا إن الله مع الصابرين " (( الأنفال 46 )). و لا بد للإنسان أن يمر بحياته ببعض الهموم و الغموم في حياته ، و لكي يتخلص من هذه الهموم و الغموم عليه عمل الخيرات و الإحسان لخلق الرحمن ، و يقول سبحانه و تعالى في محكم كتابه الحكيم : " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس و من يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما " (( النساء 114 )). إن الانشغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة و اجتماع تفكير الإنسان على اليوم الحاضر هي جميعها من الأسباب التي تدفع الهم و الغم و القلق. فعند التفرغ لعمل أو لدراسة و الانشغال بها و ابتغاء مرضاة الله تعالى من وراء ذلك العمل ؛ فذلك يكون سببا لنسيان الهم و الغم و دفعه بعيدا عن النفس ، و التفكير في الأيام الماضية و الحزن عليها لا يمكن أن يرجع الإنسان للوراء لتصليح حالها أو تغييرها ، و كذلك الهم و القلق مما سيحدث من أمور في المستقبل ، و لذلك يجب على ابن آدم أن يكون ابن يومه ، و لذلك أمرنا الرسول – صلى الله عليه و سلم – بالدعاء أثناء العمل ؛ لأن الدعاء هو قرين العمل كما الزكاة هي قرينة الصلاة ، فالعبد يجتهد في عمله و يبذل الأسباب و يدعو الله سبحانه و تعالى تقبل عمله و النجاح في مقصده ، و قد قال الرسول – صلى الله عليه و سلم - : " احرص على ما ينفعك و استعن بالله و لا تعجز ، و إذا أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كذا كان كذا و كذا ، و لكن قل : قدر الله و ما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان " (( رواه مسلم )). و قد قال تعالى في محكم كتابه : " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " (( الرعد 28 )) ، و ذلك دليل عظيم على أن جعل الألسنة رطبة بذكر الله سبحانه و تعالى و الإكثار من ذلك هو سبب من أسباب انشراح الصدور و طمأنينة الأفئدة و القلوب. و كذلك التحدث عن النعم التي أنعم بها الله سبحانه و تعالى على الإنسان مما ظهر منها و مما بطن يكون سببا من الأسباب التي تساعد في انجلاء الهموم و الغموم و انشراح الصدور ، و قد أوصانا النبي – صلى الله عليه و سلم - في الحديث الشريف : " انظروا إلى من هو أسفل منكم و لا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم " (( رواه البخاري و مسلم )) بأن نتأمل إلى من هم دوننا ليتبين لنا مقدار النعمة التي أنعم الله عز و جل بها علينا و ندرك بأننا خير من كثير من الخلق الله في الحال التي نحن عليها. و للابتعاد عن الأسباب الجالبة للهم و الغم دور كبير في راحة الإنسان و طمأنينته ، فعلى كل شخص أن يهم في تحصيل الأسباب الجالبة للسرور بالاتكال على الله سبحانه و تعالى و التفاؤل بالخير من عنده عز و جل و الابتعاد عن التشاؤم ، و للوصول إلى تلك المرحلة علينا جميعا الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه و سلم – في الأدعية التي كان يرددها و منها : " اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمت أمري ، و أصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، و أصلح لي آخرتي التي إليها معادي ، و اجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، و الموت راحة لي من كل شر " (( رواه مسلم )) ، و أيضا دعاء النبي – صلى الله عليه و سلم - : " اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، و أصلح لي شأني كله ، لا إله إلا أنت " (( رواه أبو داوود بإسناد صحيح )). و إذا حلت بالإنسان تلك الهموم و الغموم فإن توقعها في أسوأ الحالات التي ممكن أن تصل إليها و العمل على تخفيف تلك النتائج بالاعتماد على الله سبحانه و تعالى و حسن الثقة به عز و جل سوف يكون سببا من أسباب تخفيف هذه الهموم و انجلاؤها عن الصدور. و إن راحة الجسم من الأمراض البدنية و القلبية و العصبية لهو من أسباب تنعم الإنسان بحياة سعيدة و هنيئة ، و للحؤول دون تعرض الإنسان إلى تلك الأمراض فعليه الابتعاد عن العصبية و الانفعالات اليومية و الابتعاد عن الوساوس التي تملأ الرأس بأمور تضر و لا تنفع و تنكد و لا تسر ، و الشرط في ذلك و في كل أمر يقوم به الإنسان هو الاعتماد على الرحمن المنان و حسن الثقة به عز و جل و التوكل عليه ، فقال الله عز و جل : " و من يتوكل على الله فهو حسبه " (( الطلاق 3 )). قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم - : " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر " (( رواه مسلم )) ، و من هذا الحديث الشريف ارشد النبي – صلى الله عليه و سلم – الناس إلى الطريق لنيل راحة البال في التعاملات مع من هم في حياتنا من الأزواج و الأهل و الأصدقاء و غيرهم و ذلك من خلال أن نبين لأنفسنا أولا أن كل شخص به عيب من العيوب أو نقص في أمر من الأمور أو حتى صفة تكرهها النفس ، فإن تم قبول هذا المبدأ و هذه الفكرة و عرفت نواقص الشخص الذي يتم التعامل معه و المقارنة بين هذه الصفة أو هذا العيب و باقي المحاسن ؛ يتم التغاضي عن هذه السيئة أو النقص و مواصلة المحبة و التعامل الحسن و العشرة الطيبة بين هذين الشخصين. الإنسان العاقل في هذه الدنيا هو الذي يتيقن بأن الحياة قصيرة جدا لكي يضيع أيامها بالأكدار و الهموم ، و ينبغي إذا أصاب المؤمن مكروها أن يقارن بينه و بين كثرة الخيرات التي أنعم بها الله سبحانه و تعالى عليه و أن يحمد الله على ذلك و يصبر عليه فيكون خيرا له بإذنه سبحانه ، و من الأمور التي تنفع الإنسان في دنياه بأن يوقن أن أذية الناس له من الأفعال و الأقوال لا تضره بشيء و إنما تضرهم ؛ إلا إن اختار أن يشغل نفسه في تلك الأمور ، و من الأمور التي تحدد الحياة و مسارها للشخص هي أفكاره ؛ فإن كان إيجابية كانت حياته إيجابية و العكس صحيح بذلك. و قال الله عز و جل في كتابه العزيز : " إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء و لا شكورا " (( الإنسان 9 )) ؛ نستنتج من هذا القول أنه إذا قام أحد بعمل فعليه ألا ينتظر الشكر و الثناء من أحد من الخلق إلا من الله عز و جل . و لكي يصل الإنسان إلى تلك الحياة الهنيئة عليه أن يجعل الأمور النافعة نصب عينيه و أن يعمل عليها ، و عليه أيضا ألا يقوم بتأجيل الأمور و المهام حتى إذا جاء إلى أمر آخر قام به بتركيز و قوة ذهن و عزيمة قوية تمكنه من إنجاز ذلك الأمر بإتقان ، و عليه أن يرتاب أولوياته حيث يجعل الأمور الأهم فالأهم ، و يميز بين ما تميل إليه نفسه عن الأمور الأخرى ، و أن يشاور من حوله في تلك الأمور و أن يدرسها بدقة ، فإن كان في ذلك الأمر خيرا و عزم على ذلك توكل على الله سبحانه و تعالى و قام بالأمر ؛ فإن الله يحب المتوكلين . و في الختام لا يسع كل إنسان عاقل متدبر بما حوله أن يدرك أنه لا بديل للعقيدة الإسلامية لمن أراد حسن المرد إلى الله سبحانه و تعالى ؛ و لمن أراد أن يظفر بحياة مليئة براحة البال و الطمأنينة بعيدة عن الهموم و الغموم و انقباضات الصدور ، و إن من أبسط الأمثلة على ذلك ما ذكر أعلاه من الدعوة إلى الصبر على البلاء و طرق الابتعاد عنها و معالجتها. و الحمد لله رب العالمين ، و صلى الله على أشرف الخلق و المرسلين سيدنا محمد – صلى الله عليه و سلم – و على آله و صحبه أجمعين. | |
|