كان نصر الله والفتح أسرع مما يلحق العين من الغمض واللمح لأن العادة الالهية التي لا تتبدل والمشيئة الربانية التي لا تتحول:ان العسر لا يغلب يسرين,وان تنجية الله لرسله ومن معهم من المؤمنين صدق بلا مين. وقريش لما لم ترج الله وقارا,وأصرت على كفرها واستكبرت استكبارا, ومكرت بنبيها مكرا كبارا,مكر الله بها فاخرج نبيه من بينها اخراجا,وسلك له في ارضه الواسعه سبلا فجاجا ليقر عينيه بنصر الله وفتحه ويريه دخول الناس في دين الله افواجا. فلما ابتلي المسلمون خرج أبوبكر مهاجرا نحو ارض الحبشة,حتى اذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو من سادات قومه,حيث قال نبي الله يوما للمسلمين:اني أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين,فهاجر من هاجر قبل المدينة ورجع عامة من كان هاجر بارض الحبشة الى المدينة حيث تجهز أبوبكر رضي الله عنه قبل المدينه فقال له رسول الله:على رسلك,فاني أرجو أن يؤذن لي, حيث في نهاية الأمر بعد الحوار الذي دار بينهم تجهز رسول الله وصاحبه للهجرة والله ثالثهما في المعية والنصرة. فمضى رسول الله في الهجرة,وأبوبكر يصحبه للعزرة والنصرة,فلحقا بغار في جبل ثور,فكمنا فيه ثلاث ليال وتأمل ما جرى لهما في تلك الحال,بينما هما بالغار اذ اسكت رسول الله ابا بكر عندما كان خائفا حيث قال له النبي اثنان والله ثالثهما اي لا تخف فان الله معنا. وأقبل نبي الله الى المدينة وهو مردف أبابكر الصديق حيث ابوبكر شيخ يعرف ونبي الله شاب لا يعرف,حيث سمع عبدالله بن سلام بمجيئ رسول الله في الوقت ذاته ارسل نبي الله الي اليهود يامرهم بالمجيئ اليه فاقبلوا فدخلوا عليه فقال لهم:يا معشر اليهود ويلكم اتقوا الله فوالله الذي لا اله الا هو انكم لتعلمون اني رسول الله حقا واني جئتكم بحق فـأسلموا,في نهاية الأمر اسلم رجل من رجالهم وهو عبدالله بن سلام وهم لم يسلموا وظلوا يقولون لابن سلام كذبت فاخرجهم رسول الله. ولبث رسول الله في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة,وأسس المسجد الذي أسس على التقوى والعمل الصالح وهو المسجد الذي عرف باسم مسجد قباء وصلى فيه النبي,ثم ركب راحلته فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول في المدينة وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين,وقد وعك أبوبكر وبلال وبعض صحابة رسول الله بعد مقدمهم المدينة,فقال رسول الله:اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة أو اشد,وصححها,وبارك لنا في صاعها ومدها,وانقل حماها فاجعلها بالجحفة. لما كانت المؤاخاة بين العباد هي الرواسي والأوتاد,والدعائم والعماد لاستقرار البلاد,وسلامتها من فتنة الفرقة والفساد آخى المصطفى المختار بين صحابته الأخيار,من المهاجرين والأنصار,فضربت الانصار في الايثار والعطاء والنوال,والاكرام والانعام والافضال اروع الامثال,حتى ان السامع ليظن مآثرهم وايثارهم ضربا من الخيال. فقد أوصى خير الأنام عليه افضل الصلاة وازكى السلام امة الاسلام أن تحفظ لصحابته الكرام جهادهم بالهجرة وكفاحهم بالنصرة ونهى ان يتعدى على أحد من صحبه أو يتطاول عليه بسبه وثلبه,فقال:لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو ان احدكم انفق مثل احد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه,وقد عروة بن الزبير شكى الرسول سب صحابة رسول الله فقالت له خالته عائشة: أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي فسبوهم. خرج رسول الله الى بدر يريد عير قريش فجمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد,فلم يعاتب الله أحدا من المسلمين تخلف عن هذه الغزوة. سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقافلة قريش قد أقبلت من الشام إلى مكة ، وقد كان يقودها أبا سفيان بن حرب مع رجال لا يزيدون عن الأربعين . وقد أراد الرسول عليه الصلاة والسلام الهجوم على القافلة والاستيلاء عليها ردا لما فعله المشركون عندما هاجر المسلمون إلى المدينة ، وقال لأصحابه : " هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها " . كان ذلك في الثالث من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة ، وقد بلغ عدد المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، ومعهم فرسان وسبعون بعيرا . وترك الرسول عليه الصلاة والسلام عبد الله بن أم مكتوم واليا على المدينة . لما علم أبو سفيان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى أهل مكة يطلب نجدتهم . ولم وصل ضمضم إلى أهل قريش صرخ فيهم قائلا : " يا معشر قريش ، أموالكم مع أبي سفيان عرض لها محمدا وأصحابه لا أرى أن تدركوها " . فثار المشركون ثورة عنيفة ، وتجهزوا بتسعمائة وخمسين رجلا معهم مائة فرس ، وسبعمائة بعير .
جاءت الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قافلة أبي سفيان قد غيرت اتجاه طريقها ، وأنه سيصلها غدا أو بعد غد . فأرسل أبو سفيان لأهل مكة بأن الله قد نجى قافلته ، وأنه لا حاجة للمساعدة . ولكن أبا جهل ثار بغضب وقال : " والله لا نرجع حتى نرد بدرا "
جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وقال لهم : إن الله أنزل الآية الكريمة التالية : (( و إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنهما لكم و تودون أنّ غير ذات الشوكة تكون لكم و يريد الله أن يحق الحق بكلماته و يقطع دابر الكافرين ))
فقام المقداد بن الأسود وقال : " امض يا رسول الله لما أمرك ربك ، فوالله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : (( قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا ليها فاذهب أنت و ربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ))
ولكن نقول لك : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون . فأبشر الرسول عليه الصلاة والسلام خيرا ، ثم قال :
" أشيروا علي أيها الناس ( يريد الأنصار ) . " فقام سعد بن معاذ وقال :
" يا رسول الله ، آمنا بك وصدقناك وأعطيناك عهودنا فامض لما أمرك الله ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد" فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " أبشروا ، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم " .
وصل المشركون إلى بدر ونزلوا العدوة القصوى ، أما المسلمون فنزلوا بالعدوة الدنيا . وقام المسلمون ببناء عريش للرسول صلى الله عليه وسلم على ربوة ، وأخذ لسانه يلهج بالدعاء قائلا : " اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها تكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ؟ اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم فلن تعبد في الأرض " . وسقط ردائه صلى الله عليه وسلم عن منكبيه ، فقال له أبو بكر : " يا رسول الله ، إن الله منجز ما وعدك ".
قام المسلمون بردم بئر الماء - بعد أن استولوا عليه وشربوا منه - حتى لا يتمكن المشركون من الشرب منه . وقبل أن تبدأ المعركة ، تقدم ثلاثة من صناديد قريش وهم : عتبة بن ربيعة ، وأخوه شيبة ، وولده الوليد يطلبون من يبارزهم من المسلمين . فتقدم ثلاثة من الأنصار ، فصرخ الصناديد قائلين : " يا محمد ، أخرج إلينا نظراءنا من قومنا من بني عمنا" فقدم الرسول عليه الصلاة والسلام عبيدة بن الحارث ، وحمزة بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب . فبارز حمزة شيبة فقتله ، وبارز علي الوليد فقتله ، وبارز عبيدة عتبة فجرحا بعضهما ، فهجم حمزة وعلي على عتبة فقتلاه . واشتدت رحى الحرب ، وحمي الوطيس . ولقد أمد الله المسلمين بالملائكة تقاتل معهم . قال تعالى : (( بلى إن تصبروا و تتقوا و يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ))وهكذا انتهت المعركة بنصر المسلمين وهزيمة المشركين ، حيث قتل من المشركين سبعون وأسر منهم سبعون آخرون . أما شهداء المسلمين فكانوا أربعة عشر شهيدا . ولقد رمى المسلمون جثث المشركين في البئر ، أما الأسرى فقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف 4000 درهم عن كل أسير امتثالا لمشورة أبي بكر ، أما من كان لا يملك الفداء فقد أعطه عشرة من غلمان المسلمين يعلمهم القراءة والكتابة . وهكذا انتصر المسلمون انتصارا عظيما بإيمانهم على المشركين الذين كفروا بالله ورسوله. وقعت غزوة أحد بعد عام من غزوة بدر وذلك حينما اجتمع زعماء قريش على ضرورة الأخذ بثأر قتلاهم فى غزوة بدر, فأعدوا جيشا كبيرا, بلغ حوالى ثلاث ألاف مقاتل وساروا نحو المدينة وقد علم الرسول (ص)بالخبر,فاستشار أصحابه,وكان رأى الشيوخ البقاء فى المدينة,أما الشباب كانوا يروا الخروج لملاقاة الكفار خارجها,حتى لايظن المشركون أن المسلمين قد جبنوا,واستجاب النبى لرأى الشباب,لأن النبى رأى فى الشباب حماس للمعركة,ولكن خرج رسول الله(ص) مع أصحابه,وعسكر عند جبل أحد,وجعل على الجبل خمسين راميا,لكى يحموا ظهور المسلمين فى المعركة, وأمرهم الرسول بعدم ترك أماكنهم وراح المسلمون يقتلون المشركون,ففر المشركون وخلفهم نساؤهم تصيح,ولما رأى بعض الرماه ذلك,فتركوا أماكنهم وخالفوا أوامر الرسول,لأن الرسول لو انتصرنا وجمعنا الغنائم فلا تجمعوا معنا وان قتلونا فلا تساعدونا,لكنهم نزلوا وخلفوا أوامر الرسول(ص),وكان (خالد بن الوليد)قائدا لجيش المشركين ولم يكن قد أسلم بعد,وكان قائدا ذكيا فلما رأى الجبل خاليا من الرماه,استدار بجيش المشركين,وكر على المسلمين فانهزم المسلمون وضاع النصر من أيديهم,لأنهم خالفوا أوامر الرسول,وأراد المشركون أن يقتلوا الرسول لكن أصحابه دافعوا عنه, ومنهم (نسيبة بنت كعب) التى استماتت فى الدفاع عن الرسول, وأراد المشركون اضعاف حماس المسلمين فأشعوا أن الرسول قد قتل,ولكن هذا لم يضعف حماس كثير من المسلمين,فقاتلول واستشهد بعضهم,وأخيرا انتهت المعركة بضياع النصر من المسلمين,واستشهاد عدد كبير من الصحابة,على رأسهم(حمزة)عم الرسول(ص)ومنهم(مصعب بن عمير)و(عبد الله بن جبير) و(أنس بن النصر) وغيرهم. لقد اوذي خاتم الانبياء و المرسلين (صلى الله عليه وسلم) من قبل المنافقين المارقين من الدين مثل ما اوذي من المشركين. و لقد بلغ اذاهم بالرسول (صلى الله عليه وسلم) ان اتهموه في عرضه المكنون فقذفوا بالافك زوجه المصون. حينما كان الرسول خارجا للسفر و خرجت معه زوجته عائشة بالحادثة التي عرفت بحادثة الافك, و كان الذي تولى بالافك هو عبدالله بن ابي بن سلول و مسطح بن اثاثة و حمنه بنت جحش و حسان بن ثابت.وتم اقامة الحد عليهم. فتاذى الرسول (صلى الله عليه وسلم) من هذه الحادثة كثيرا وايضا تاذت زوجته عائشة,حتى نزلت الاية الكريمة التالية ((إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ? لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ ? بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ? لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ? وَالَّذِي تَوَلَّى? كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ )) يوم الخندق هو يم زاغت فيه الابصار و بلغت القلوب و الحناجر و علا المؤمنين الكرب و القلق وقد صفه الله تعالى بكتابه الكريم : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا))
و قد خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الى الخندق فكان الصحابة وهم المهاجرون والانصار يحفرونه حول المدينة فاذا بصخرة حالت بينهم و بين الحفر فجاؤوا الى الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقام و اخذ المعول و ضرب الحجر ثلاثا و في كل مره كان يقول :"" و في هذه الاثناء كان الصحابي سلمان الفارسي قائم ينظر ,وكان يرى برقة عند كل ضربة فسال الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك فقال له الرسول (صلى الله عليه وسلم): فاني حين ضربت الضربة الاولى رفعت لي مدائن كسرى و ما حولها حتى رايتها بعيني, ولما ضربت الضربة الثانية رفعت لي مدائن قيصر و ما حولها حتى رايتها بعيني, ولما ضربت الضربة الثالثة رفعت لي مدائن الحبشة و ما حولها حتى رايتها بعيني. و كان لجابر بن عبدالله الانصاري موقف هو و زوجته مع النبي (صلى الله عليه وسلم), فعندما جاء جابر الى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدعوه الى قليل من الطعام الذي كان يكفي لرجلين او ثلاثة, فدعا الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) الناس و كانوا الف شخص,فقام الرسول بالبصق في الاكل و باركه فاذا بالناس ياكلون و ياكلون و يبقى الاكل كما هو. و لما رجع الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) من الخندق الى المدينة و اذا بجبريل يدعوه الى بني قريضة,فاخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) اصحابه و قاتلوهم فنزلوا على حكم رسول الله , فرد الرسول (صلى الله عليه وسلم) الحكم فيهم الى سعد بن معاذ.
|